التفاح.. موسم حزين هذا العام - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني

التفاح.. موسم حزين هذا العام
تقرير أفنر لوتن – يديعوت كريات شمونه – 21\12\2012
ترجمة نبيه عويدات
حطم موسم التفاح في الجليل والجولان هذا العام كل الأرقام القياسية، لكن الموسم كان حزيناً.. فقد أغرقت السوق وهبطت الأسعار، حتى أن قسماً من المزارعين قرروا عدم قطف الموسم وترك الثمر على الأشجار.

لم يعرف المزارعون مثل هذا الموسم منذ سنوات. الشتاء الأخير كان بارداً جداً فجلب معه موسم تفاح وفير جداً. بالإضافة إلى ذلك كان الربيع معتدلاً جداً أيضاً، دون موجات حر شديدة أو أمطار غاضبة أو رياح عاتية، ولهذا كانت الظروف مواتية أثناء موسم التلقيح وتكوين الثمر، وكان واضحاً منذ شهر أيار أن كمية الثمر على الشجر تفوق المعتاد كثيراً.

"كمية كبيرة من الثمر تفرض على المزارعين تكاليف إضافية وتشغيل المزيد من العمال لتخفيف كمية الثمر (التفريد باللغة العامية - المترجم)" يوضح أريه بيليغ، وهو خبير زراعي يعمل لدى "بري بريشيت" – وهي أكبر شركة لتسويق الفواكه في الجولان والجليل الأعلى. "تخفيف كمية الثمر ضروري لكي نحصل على حجم مناسب للثمار. جزء من عملية التخفيف تتم بصورة كيميائية وجزء آخر بطريقة يدوية، وفي الحالتين العملية تفرض تكاليف إضافية باهظة. قمنا هذا العام بتحليل عملية تخفيف الثمر، فتركت على الشجرة قرابة 350 حبة تفاح، واتضح أنه توجب لذلك تخفيف قرابة 1200 حبة منها، وهذا تطلب من المزارع بين 7 إلى 8 أيام عمل لكل دونم واحد".

وبالرغم من كل عمليات تخفيف الثمر التي قام بها المزارعون فإن كميات الثمر التي بقيت على الشجر مع بدء موسم القطاف كانت كبيرة جداً. وبخلاف ثمار الخوخ والكرز والمشمش فإن ثمار التفاح قابلة للتخزين المبرد لفترات طويلة. ففي موسم القطاف يحضر المزارعون تفاحهم إلى "البرادات" حيث يتم تخزينه في غرف تبريد عملاقة، ثم ينفثون في داخلها غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يساعد على إبطاء عملية نضج حبات التفاح المخزنة، وهذا ما يسمح بتخزينها مدة عام. وفي المواسم الاعتيادية فإن هذه العملية تسمح للمزارعين بتسويق التفاح بصورة تدريجية، وحسب احتياجات السوق، الأمر الذي يسمح بالمحافظة على سعر معقول.

هذا العام اصطدم المزارعون بظاهرة لم تكن موجودة في السنوات السابقة، فقد امتلأت البرادات جميعها وفاضت الكميات عن قدراتها التخزينية، فلم يكن بمقدورها تخزين كل الكميات الهائلة التي قطفها المزارعون. رؤوف، وهو مزارع من عين قنية، وصف ما حدث: "علق المزارعون مع كميات من التفاح بقيت على الشجر، ولم يكن من المجدي قطفها، لأن البرادات غير قادرة على استيعابها. الثمر بجودة جيدة جداً، لكن البرادات غير قادرة على تسويقه. وسيكون من الصعب علينا نحن المزارعين استعادة المصاريف التي تكلفناها هذا العام".

كيلو التفاح بشيكل
التقينا في قرية مسعدة مجموعة من المزارعين، وكان واضحا من الحديث معهم مدى شعورهم بالإحباط: "الوضع سيء جداً" – قال أحدهم. في البرادات في القرى الدرزية يوجد اليوم 100 الف ميخال جاهزة للتسويق، وهذا يزيد بـ 40% عن الكمية الاعتيادية. في بداية الموسم حصلنا على 700 شيكل مقابل كل ميخال، وهذا الحد الأدنى الذي يمكن المزارع من الربح، ولكنه مع الاقتراب من نهاية موسم القطاف انخفض السعر إلى 500 شيكل للميخال، أي شيكل واحد للكيلو، وفي هذه الحالة لا نفع من قطف التفاح".

يشتكي مزارعو التفاح الدروز من أنه لا يوجد لديهم بديل لتخزين تفاحهم، غير تلك البرادات الموجودة في قراهم شمالي هضبة الجولان. ويقول مزارع آخر: "البرادات في الكيبوتسات تعطي الأفضلية لمزارعيها، وقسم من مزارعينا لم يقوموا بعملية تخفيف الثمر (التفريد) كما يجب، فعلقوا مع كميات كبيرة من الثمر صغير الحجم الذي لا يجد من يشتريه".

يقول سيغيف يربعام، المدير العام لشركة "بري بريشيت": "الوضع من ناحية التخزين والتسويق أفضل قليلاً لدينا. فنحن نتميز بكبرنا وقدراتنا التنظيمية. لدينا أمكانات تخزين كبيرة نسبياً، وعندما امتلأت براداتنا نقلنا قسما من التفاح إلى برادات في "ألون تابور" ومنطقة قيساريا. لم نصل إلى وضع نقول فيه للمزارعين أن يتوقفوا عن قطف تفاحهم بسبب نقص في أماكن التخزين".

"بري بريشيت" هي شركة كبيرة تأسست نتيجة اندماج "برادين" هما "بيروت غولان" الواقع قرب "مروم غولان" و "بري بساغوت" الواقع قرب كيبوتس "يفتاح". ويساهم في الشركة اليوم 12 كيبوتس – 4 منها من الجليل الأعلى (يفتاح، المالكية، سعسع ويرؤن)، و8 كيبوتسات وموشافيم من الجولان (الروم، أورطال، عين الزيوان، مروم غولان، كيشيت، يونتان، رمات مغشيميم والوني هبشان)، بالإضافة إلى مزارعين بصورة مستقلة بمجمل 30 مزرعة في الجليل والجولان.
يشرح "يربعام أن هذا الحجم الكبير والقدرة التنظيمية تسمح لمزارعي "بري بريشيت"بعبور هذا الموسم بأقل الأضرار:"من السهل لنا تسويق تفاحنا حتى في مثل هذه السنة، لأننا نملك في كل لحظة كميات جاهزة للتسويق من أي نوع مطلوب في السوق وبجودة عالية جداً، لذلك تفضل الأسواق التعامل معنا. ومع هذا نحن لسنا بمعزل عما يحدث في السوق، فقانون العرض والطلب ينطبق علينا أيضاً".

خارج عن السيطرة
إذا كانت كميات التفاح بهذه الكثرة، والسعر الذي يتقاضاه المزارع بهذا الرخص، لماذا إذا لا يؤثر ذلك على سعر التفاح المرتفع للمستهلك في السوربرمارت والدكاكين؟
جزء من هذا ينتج عن خلل في عمولة التسويق بصورة عامة على المنتجات الزراعية في البلاد. حتى يصل المنتوج من المزارع إلى المستهلك، فإن جهات عديدة تحصل على الربح، فيدفع المستهلك سعراً أعلى بكثير من ذلك الذي يحصل عليه المزارع.
يقول "يربعام": "بالرغم من ذلك فإن المستهلك هذا العام سيحصل على سعر أدنى من السابق. تقديراتنا أن السعر سينخفض هذا العام بالنسبة للمستهلك بنسبة 35% بالمعدل، مقارنة مع السنة الماضية. السنة الماضية حصلنا على مرابح قياسية مقارنة بجميع السنوات السابقة. هذا العام الأسعار انخفضت بصورة حادة.
...
بسبب الأسعار الجيدة التي حصل عليها مزارعو التفاح في الموسم الماضي فإنه زرعت هذا العام مساحات جديدة من التفاح في الجولان. الحاجز الوحيد كان كميات المياه التي يمكن الحصول عليها. فشجرة التفاح تستهلك الكثير من المياه، وبدون الحصول على كميات مياه مناسبة من الجهات المسؤولة لا يمكن زراعة مساحات جديدة بالتفاح. كان لدينا هذا العام تضافر الظروف بين زراعة مساحات جديدة وظروف مناخية جيدة، وتحسين طرق العناية والزراعة، ما أدى إلى الحصول على كميات هائلة، لذلك خرجت الأمور عن السيطرة".

"لا يوجد من نتحدث معه من الطرف الآخر"
كان تصدير التفاح إلى سوريا أحد الطرق التي ساعدت على المحافظة على سعره. قبل أربع سنوات بدأ مزارعو التفاح الدروز في شمال هضبة الجولان بتسويق تفاحهم إلى سوريا. كان ذلك بموجب اتفاقية تمت بمساعدة الصليب الأحمر الدولي. السلطات في سوريا كانت معنية بدعم الدروز في الجولان لأنها تعتبر الجولان أرضاً سورية والدروز مواطنين سوريين. كذلك كانت لدولة إسرائيل مصلحة لعدة أسباب، منها المحافظة على أسعار التفاح في السوق المحلية. تسويق التفاح إلى سوريا كان يبدأ في شهر شباط. ففي الوقت الذي يحدث فيه نقص في التفاح في السوق السورية، تكون لا تزال هناك كميات جيدة من التفاح في برادات المزارعين الدروز في الجولان، فكان يتم نقلها عبر معبر القنيطرة إلى الأسواق السورية.
هذا العام، وفي الوقت الذي فيه كميات التفاح كبيرة جداً، فإن فرصة تسويق التفاح في سوريا شبه معدومة، فالحرب الأهلية الدائرة هناك خلخلت اقتصاد الدولة، وتشغل بال السلطات أمور أهم بكثير من التفاح.
ومع هذا يقول صاحب أحد المطاعم في مسعدة: "أنا متفائل بأن الوضع سيتحسن. الأمور ليست كما تعرضها وسائل الإعلام. نحتاج إلى الوقت حتى تستتب الأمور، وفي نهاية الأمر يسوق التفاح هناك".
المزارعون الدروز لا يوافقون صاحب المطعم الرأي:"ليس من المعقول في هذه الظروف أن نتحدث عن تسويق التفاح. لا نعرف ماذا سيحدث بالضبط، وهذا شعور كل المزارعين هنا. ننتظر حدوث شيء لكننا لا نعلق على ذلك آمالاً كبيرة".
يقول يربعام: "لمزارعي الكيبوتسات والموشافيم مصلحة في تجدد عملية تسويق التفاح في سوريا. مكاتب الوزارات في إسرائيل تعمل مع مكتب الصليب الأحمر، ولا توجد أي عوائق من هذه الناحية تمنع تسويق التفاح، لكنه لا يوجد من نتعامل معه في الجانب السوري، وهذه مشكلة ليست صغيرة.
ما يمكنه وقف المصيبة في هذه الحالة هو تقليل الكميات المستوردة من الخارج. ففي كل عام يتم استيراد كمية محددة من التفاح من أوروبا والولايات المتحدة، وفي هذه الدول بالذات كان محصول التفاح هذا العام قليلاً، لذلك سيخف الاستيراد بصورة ملموسة. فحصنا إمكانية تصدير قسم من التفاح إلى أوروبا، ولكن ليس بذلك أي جدوى إقتصادية".

توجهنا لوزارة الزراعة بخصوص تصدير التفاح إلى سوريا، وكان الجواب:
"لم يتخذ القرار بعد ما إذا كان التفاح سيصدر إلى سوريا هذا العام. الموضوع لا يزال قيد البحث لدى الجهات ذات الصلة".